فصل: فصل: الطائفة الثانية: المعتزلة ومن تبعهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **


فصل‏:‏ الطائفة الثانية‏:‏ المعتزلة ومن تبعهم

من أهل الكلام وغيرهم

وطريقتهم أنهم يثبتون لله تعالى‏:‏ الأسماء دون الصفات، ويجعلون الأسماء أعلامًا محضة، ثم منهم من يقول ‏:‏ إنها مترادفة فالعليم، والقدير، والسميع، والبصير شيء واحد، ومنهم من يقول‏:‏ إنها متباينة ولكنه عليم بلا علم ، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع، بصير بلا بصر ونحو ذلك‏.‏

وشبهتهم أنهم اعتقدوا أن إثبات الصفات يستلزم التشبيه لأنه لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم، والأجسام متماثلة، فإثبات الصفات يستلزم التشبيه‏.‏

والرد عليهم من وجوه‏:‏

الأول‏:‏ أن الله تعالى‏:‏ سمى نفسه بأسماء ووصف نفسه بصفات فإن كان إثبات الصفات يستلزم التشبيه فإثبات الأسماء كذلك، وإن كان إثبات الأسماء لا يستلزم التشبيه فإثبات الصفات كذلك، والتفريق بين هذا وهذا تناقض، فإما أن يثبتوا الجميع فيوافقوا السلف، وإما أن ينفوا الجميع فيوافقوا غلاة الجهمية والباطنية، وإما أن يفرقوا فيقعوا في التناقض‏.‏

الثاني‏:‏ أن الله تعالى‏:‏ وصف أسماءه بأنها حسنى ، وأمرنا بدعائه بها فقال‏:‏ ‏{‏ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 180‏]‏‏.‏ وهذا يقتضي أن تكون دالة على معانٍ عظيمة تكون وسيلة لنا في دعائنا ولا يصح خلوها عنها‏.‏

ولو كانت أعلامًا محضة لكانت غير دالة على معنى سوى تعيين المسمى، فضلًا عن أن تكون حسنى ووسيلة في الدعاء‏.‏

الثالث‏:‏ أن الله تعالى‏:‏ أثبت لنفسه الصفات إجمالًا وتفصيلًا مع نفي المماثلة فقال تعالى‏:‏ ‏{‏ولله المثل الأعلى‏}‏ ‏[‏النحل‏:‏ 60‏]‏‏.‏ وقال‏:‏ ‏{‏ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‏}‏ ‏[‏الشورى‏:‏ 11‏]‏‏.‏ وهذا يدل على أن إثبات الصفات لا يستلزم التمثيل ولو كان يستلزم التمثيل لكان كلام الله متناقضًا‏.‏

الرابع‏:‏ أن من لا يتصف بصفات الكمال لا يصلح أن يكون ربًا ولا إلهًا، ولهذا عاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام أباه باتخاذه ما لا يسمع ولا يبصر إلهًا فقال‏:‏ ‏{‏يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئًا‏}‏ ‏[‏مريم‏:‏ 42‏]‏‏.‏

الخامس‏:‏ أن كل موجود لابد له من صفة، ولا يمكن وجود ذات مجردة عن الصفات، وحينئذ لابد أن يكون الخالق الواجب الوجود متصفًا بالصفات اللائقة به‏.‏

السادس‏:‏ أن القول‏:‏ ‏"‏بأن أسماء الله أعلام محضة مترادفة لا تدل إلا على ذات الله فقط‏"‏ قول باطل لأن دلالات الكتاب والسنة متضافرة على أن كل اسم منها دال على معناه المختص به مع اتفاقها على مسمى واحد وموصوف واحد فالله تعالى‏:‏ هو الحي القيوم، السميع، البصير، العليم، القدير، فالمسمى والموصوف واحد، والأسماء والصفات متعددة‏.‏ ألا ترى أن الله تعالى‏:‏ يسمي نفسه باسمين أو أكثر في موضع واحد كقوله‏:‏ ‏{‏هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر‏}‏ ‏[‏الحشر‏:‏ 23‏]‏‏.‏ فلو كانت الأسماء مترادفة ترادفًا محضًا لكان ذكرها مجتمعة لغوًا من القول لعدم الفائدة‏.‏

السابع‏:‏ أن القول ‏"‏ بأن الله تعالى‏:‏ عليم بلا علم، وقدير بلا قدرة وسميع بلا سمع ونحو ذلك‏"‏ قول باطل مخالف لمقتضى اللسان العربي وغير العربي فإن من المعلوم في جميع لغات العالم أن المشتق دال على المعنى المشتق منه، وأنه لا يمكن أن يقال ‏:‏ عليم لمن لا علم له، ولا قدير لمن لا قدرة له، ولا سميع لمن لا سمع له ونحو ذلك‏.‏

وإذا كان كذلك تعين أن تكون أسماء الله تعالى‏:‏ دالة على ما تقتضيه من الصفات اللائقة به فيتعين إثبات الأسماء والصفات لخالق الأرض والسموات‏.‏

الثامن‏:‏ أن قولهم‏:‏ ‏"‏لا يوجد شيء متصف بالصفات إلا جسم‏"‏ ممنوع فإننا نجد من الأشياء ما يصح أن يوصف وليس بجسم، فإنه يقال‏:‏ ليل طويل، ونهار قصير، وبرد شديد، وحر خفيف ونحو ذلك، وليست هذه أجسامًا‏.‏ على أن إضافة لفظ الجسم إلى الله تعالى‏:‏ إثباتًا أو نفيًا من الطرق البدعية التي يتوصل بها أهل التعطيل إلى نفي الصفات التي أثبتها الله لنفسه‏.‏

التاسع‏:‏ أن قولهم‏:‏ ‏"‏الأجسام متماثلة‏"‏ باطل ظاهر البطلان فإن تفاوت الأجسام ظاهر لا يمكن إنكاره‏.‏ قال الشيخ ‏"‏المؤلف‏"‏‏:‏ ولا ريب أن قولهم بتماثل الأجسام قول باطل‏(‏2‏)‏‏.‏